حنا شمعون
الكتاب هو من تأليف الدكتور عبدالله مرقس رابي وهو دراسة سوسيوانثروبلوجية كما جاء مضافاً الى عنوان الكتاب وصدرت الطبعة الأولى للكتاب عام 2001 . وعليّ ان اعترف مقدماً ان هذا لمصطلح الطويل ” سوسيوانثروبولوجي” ليس لي اي المام واسع به فأنا مجرد قاريء بسيط تعجبني قراءة التاريخ ورايت العنوان جذاباَ للاطلاع على راي الكاتب المحترم الذي يبدو انه يريد اثبات هوية الكلدان المعاصرين. وقد كتبه وهو في عمان، الأردن وبعيداً عن رقابة السطات البعثية العراقية مما يعني بالنسبة لي ان المؤلف كتب كتابه بملئ الحرية ومن دون اي ضغط قد يؤثر في الغاية المرجوة من تأليف الكتاب.
في البداية لا بد ان اثني على جهود المؤلف في الأمانة العلمية التي تحلى بها وخاصة في ذكرالأحداث التاريخية معتمداً على المصادر الكثيرة والتي تعدت الثمانين. ويستعرض الكتاب موجز للعصور التاريخية في بلاد النهرين مفضلاً هذه التسمية على بلاد ما بين النهرين التي تحصر البلاد بين النهرين فقط. غايتي من هذه القراءة هو متابعة الكاتب الموقر حول الجذور التاريخية للكلدان لأني انا شخصياً محسوب على الكلدان المعاصرين رغم اعتراضي الشديد على هذا الحساب، وكي لا اوصف بالعناد والتهرب من هذه القومية التي لا أجد ما يشدني اليها، رأيت ان أتفحص هذا الكتاب مليئاً حيث أعرف المؤلف شخصياً وله احترام كبيرعندي وعند عائلتي وقد تحدثت معه في كثير من الأحيان وبقينا أصدقاء رغم اختلاف اراءنا في الأنتماء القومي لكلانا.
ثلاثة أسئلة يطرحها المؤلف الدكتورعبدالله رابي وهي في حلاوتها بالنسبة لي عسل على تمر لأن الجواب عليها هو مايشفي غليلي لمعرفة لماذا يتجاوزالأخوة الكلدان المعاصرون حدود المنطق والمعقول حين يصرّون انهم كلدانيون وهم يعيشون في ارض آشور لألاف السنين، وحين توارثوا اسم السواريي المشتق بديهياً من كلمة آشورايي ومع هذا يتنكرون للآشورية ويقبلون الكلدانية بديلاً لها. هذه الأسئلة المهمة هي: 1- من هم الكلدان المعاصرون؟ 2- كيف نميز بين الكلدان والآشوريين المعاصرين ؟
يقول ان الحابل اختلط بالنابل ولا نستطيع الأعتماد على الجغرافية لتميز الكلداني من ألآشوري فيكتب هكذا: تشير الحوليات الآشورية الى ان أكثر من (400) الف كلداني من الممالك الكلدانية أسرهم الآشوريون في عهد سرجون الثاني ( 721-705 ق.م) ، وليس غريباً على كاتب يلتزم المنهجية العلمية ان يتغافل عن ذكر ما يتباهى به آخرون من ان الكلدان وجدوا منذ بدء الزمان وان ابراهيم الأب الروحي للعالم هو الأب الجسدي للكلدان وهكذا ايضاً فان المسيح هو من سلالة ابراهيم ومحسوب على الكلدانين. أول ذكر للكلدان في هذا الكتاب جاء هكذا: الدولة الكلدانية وهي الدولة التي قامت في البداية في جنوبي بلاد النهرين على ايدي القبيلة الأرامية (كلدو) سنة ( 626 ق.م )…، لكن الأستاذ عبدالله في معرض استعراضه للمحك الجغرافي اراه كأن هتم توطينهم في بلاد الآشوريين. ثم يضيف ايضاً وهكذا عمل سنحاريب وأسرَّ (20800) عشرين الفاً وثماني مائة كلداني وجاء بهم الى بلاده، وللعلم فقط ان سنحاريب هو ابن سرجون الثاني. السؤال هنا كيف ان القبيلة الأرامية ( كلدو) ازداد عدد افرادها في اقل من مائة عام ليؤسر منهم في حملتين فقط أكثرمن من 400,000 فرد، ثم لماذا نصدق مايُكتب في الحوليات وكأن ذلك كُتِب بنزاهه مؤرخ حاصل على جائزة نوبل في التاريخ!! هنا ارئ ازدواجية في التفكيرلدى كاتبنا الموقر فهو في الوقت الذي لا يريد الأعتماد على التاريخ في تقرير الهوية القومية للكلدان المعاصرين لكنه في نفس الوقت يحسب مسألة الأسرى المبالغ بها حجة لوجود الكلدان المعاصرين في غير موطنهم الأصلي فيكتب: لو اعتبرنا سكان المناطق المحيطة بنينوى هم آشوريون ، فما هو مصير الاف الكلدان الذين اسروا من قبل الملوك لآشوريين وجاءوا بهم الى ديارهم الآشورية؟ وبهذا الخصوص اود ان اضيف ان هذا المحك لا يصح الأستناد اليه فكل من الكلدان والآشوريين كان لهم منطقتهم الخاصة وحتى بعد سقوط الدولة الآشورية وذلك استناداً لما اورده الكاتب بنفسه، اذ كتب: وتم الأتفاق بين المتحالفين الميدي والكلداني على اقتسام تركة الأمبراطورية الآشورية بينهما فكانت المناطق الشمالية الشرقية من نصيب الميديين، والمناطق الجنوبية الغربية من نصيب الكلدانيين.
وفي مكان آخر يستنتج كاتبنا الموقر وضمن المحك اللغوي: وقد يكون هذا مؤشراً يجعلني اقول – مايثير الدهشة والعجب- ان الآشوريين المعاصرون هم اراميون والكلدان المعاصرون هم آشوريون!
ة ومنها انتشرت الى البلدان الأخرى بما فيها منطقة نينوى، وكانت رئاستها بيد الكلدان في كنيسة ( كوخي ). طبعاً هو يريد ان يقارن هذه المعلومة بما هو معترف عليه حالياً ان المُدّعين بالآشورية اغلبهم نساطرة او ان الآشورية منشأها هو المناطق النسطورية. فيستخلص انه لا يمكن التفريق بين الكلدانيين والآشوريين على اساس المذهب الديني.
وفي المحك الديني ايضاً يجد الكاتب صعوبة في الأعتماد على المذهب لتفريق الكلداني من الآشوري فيفيدنا ان النسطورية بدأت في منطقة بلاد النهرين الوسطى في بلاد بابل الكلدانية الحديث
امام كل هذه المعوقات او المحكات كما يسميها الكاتب — ولو اني غفلت الحديث عن المحك العرقي الذي خلاصته وحسب ما اورَده ان فكرة الجنس الخالص ما هي الا خرافة لاوجود لها الا في الذهن– نراه يأتي بنظريته الخاصة للأجابة على السؤالين الواردين أعلاه وطبعاً هذا هو اسلوب منهجي رائع في ان يأتي الكاتب على ذكر المعضلة ومن ثم ايجاد الحل لها، لانه لحد الآن من قراءة الكتاب يعتبر التمييز بين الكلداني والآشوري ضرب من المستحيل. لكنه فيما يلي من الكتاب يحاول الكاتب ان يثبت لنا ان المشاعر القومية– الفردية والجماعية– هي الحكم في تقرير الهوية القومية لأي فيئة من المجتمع فنراه يكتب: التنشئة الأجتماعية للفرد هي التي تكسبه الشعور القومي والأنتماء القومي، حيث لا يرث الأنسان قوميته بالولادة، فليس كلدانياً بالوراثة، ولا آشورياً… وضرب مثلاً يقول فيه لو ان طفلاً كلدانياً نشأ وعاش في أحضان عائلة آشورية فماذا تكون هويته القومية؟ ان المثل في هذه الحالة ليس ذلك القويم لأن الكلداني والأشوري حسب رؤيتي هما من قومية واحدة وانى كانت تسميتها، ولكن لو ان استاذنا عبدالله صاغ مثله هكذا: لنفرض أن طفلاً ارمنياً نشأ وعاش في بيت آشوري، فجوابي حين ذاك ان الطفل يبقى ارمني الأصل ولا داع من الحيرة في ذلك وايجاد نظرية حوله، ولكن لو ان احفاد الطفل هذا عاشوا في بيئة الآشوريين لمئات او الاف السنين فبلا شك في هذه الحالة ان الأحفاد سوف يعتبرون آشوريين وهذا هو حال الكلدانيين الأسرى الذين ورد الحديث عنهم في هذا الكتاب.
بكل الأحوال كي يجد الكاتب حلاً لمعضلة المَحكات هذه فأننا نراه يقوم بأستفتاء ميداني ل300 فرد كلداني حين كان عالقاً في الأردن عام 2001 ، ولست أعرف كيف قرر انهم كلدان مقدماً وسألهم اسئلة تتعلق بقوميتهم وكانت النتيجة ان الغالبية الساحقة من هذه المجموعة تشعر وتؤمن انهم كلدان وليس اشوريين او سريان او اراميين. وبذا وجد الحل العلمي ووفق المنهجية العلمية ليقول انه هناك قومية ثالثة في العراق هويتهم هي ” الكلدان المعاصرون”. لا اظن ان اي جهة علمية سوف تقبل بمثل هذا الأستفتاء لأنه باعتراف الدكتور عبدالله هؤلاء كانوا كلدانناً الذين لا احسب انهم كانوا بدرجة من الثقافة والأطلاع ان يعرفوا أصلهم وفصلهم. انا أقترح على الدكتورالفاضل ان يراسل 300 عراقي مسيحي من خريجي الكليات منتقين بطريقة عشوائية وسوف يجد نتائج مخالفة لأستفتائه الأول.
الدكتور عبدالله مهد الطريق امام استفتائه هذا بنقض ما استنتجه من المحكات الأربعة الواردة فكتب: طالما ان المقومات متوفرة، من اللغة والثقافة والأقليم الجغرافي والتاريخ المشترك، والأرادة الشخصية لتمييز الكلداني عن غيرهم ، فأذن لا يمكن انكار وجود قوم يعرف بالكلدان او قوم يعرف ب ألاشوريين. انه تناقض واضح لأن المقومات غير متوفرة كما أقرّ واعترف وأسهب هو نفسه حسب ما جاء في شرح المحكات التي تحول دون تمييز الكلداني من الآشوري.
في الفصل التالي يعدد الكاتب المحترم اسباب ضعف الشعور القومي لدى الكلدان ويذكر ستة منها وهي واضحة ويعرفها الجميع من غير الأستدلال عليها من صفحات هذا الكتاب ، لكني اريدان اقف وقفة ناقد امام السبب السادس والأخير وهو ان من اسباب ضعف الشعور القومي هو التصور الخاطئ ، ان الكلدان طائفة دينية وليس قومية. في رأي الشحصي هذا هو عين الصواب وأظن ان استفتاءه برهن ذلك، اذ انه على مايبدو اختار شريحته من الكلدان كما اورد هم جميعاً بلا شك كاثوليك.
هذه هي خلاصة هذا الكتاب الذي يعتبره المؤلف والكلدان المعاصرون انه سندهم لأثبات هويتهم القومية في الوقت الذي اراه انه يثبت عكس ذلك ليشكلوا طائفة دينية فقط وليس قومية ،وذلك يتجلى في اعتراف الكاتب بشكل واضح ان التنشئه ورفض الآشورية من قبل الكلدان المعاصرين هما عاملان اساسيان لأثبات الهوية القومية للكلدان. وقد اكون المخطئ او يكون كاتبنا الموقرهو المخطئ، لكن اضع هذا الأمر امام أعين كل قارئ مثقف ونزيه ليقرر ذلك بنفسه.
حنا شمعون / شيكاغو
الكتاب هو من تأليف الدكتور عبدالله مرقس رابي وهو دراسة سوسيوانثروبلوجية كما جاء مضافاً الى عنوان الكتاب وصدرت الطبعة الأولى للكتاب عام 2001 . وعليّ ان اعترف مقدماً ان هذا لمصطلح الطويل ” سوسيوانثروبولوجي” ليس لي اي المام واسع به فأنا مجرد قاريء بسيط تعجبني قراءة التاريخ ورايت العنوان جذاباَ للاطلاع على راي الكاتب المحترم الذي يبدو انه يريد اثبات هوية الكلدان المعاصرين. وقد كتبه وهو في عمان، الأردن وبعيداً عن رقابة السطات البعثية العراقية مما يعني بالنسبة لي ان المؤلف كتب كتابه بملئ الحرية ومن دون اي ضغط قد يؤثر في الغاية المرجوة من تأليف الكتاب.
في البداية لا بد ان اثني على جهود المؤلف في الأمانة العلمية التي تحلى بها وخاصة في ذكرالأحداث التاريخية معتمداً على المصادر الكثيرة والتي تعدت الثمانين. ويستعرض الكتاب موجز للعصور التاريخية في بلاد النهرين مفضلاً هذه التسمية على بلاد ما بين النهرين التي تحصر البلاد بين النهرين فقط. غايتي من هذه القراءة هو متابعة الكاتب الموقر حول الجذور التاريخية للكلدان لأني انا شخصياً محسوب على الكلدان المعاصرين رغم اعتراضي الشديد على هذا الحساب، وكي لا اوصف بالعناد والتهرب من هذه القومية التي لا أجد ما يشدني اليها، رأيت ان أتفحص هذا الكتاب مليئاً حيث أعرف المؤلف شخصياً وله احترام كبيرعندي وعند عائلتي وقد تحدثت معه في كثير من الأحيان وبقينا أصدقاء رغم اختلاف اراءنا في الأنتماء القومي لكلانا.
ثلاثة أسئلة يطرحها المؤلف الدكتورعبدالله رابي وهي في حلاوتها بالنسبة لي عسل على تمر لأن الجواب عليها هو مايشفي غليلي لمعرفة لماذا يتجاوزالأخوة الكلدان المعاصرون حدود المنطق والمعقول حين يصرّون انهم كلدانيون وهم يعيشون في ارض آشور لألاف السنين، وحين توارثوا اسم السواريي المشتق بديهياً من كلمة آشورايي ومع هذا يتنكرون للآشورية ويقبلون الكلدانية بديلاً لها. هذه الأسئلة المهمة هي: 1- من هم الكلدان المعاصرون؟ 2- كيف نميز بين الكلدان والآشوريين المعاصرين ؟
يقول ان الحابل اختلط بالنابل ولا نستطيع الأعتماد على الجغرافية لتميز الكلداني من ألآشوري فيكتب هكذا: تشير الحوليات الآشورية الى ان أكثر من (400) الف كلداني من الممالك الكلدانية أسرهم الآشوريون في عهد سرجون الثاني ( 721-705 ق.م) ، وليس غريباً على كاتب يلتزم المنهجية العلمية ان يتغافل عن ذكر ما يتباهى به آخرون من ان الكلدان وجدوا منذ بدء الزمان وان ابراهيم الأب الروحي للعالم هو الأب الجسدي للكلدان وهكذا ايضاً فان المسيح هو من سلالة ابراهيم ومحسوب على الكلدانين. أول ذكر للكلدان في هذا الكتاب جاء هكذا: الدولة الكلدانية وهي الدولة التي قامت في البداية في جنوبي بلاد النهرين على ايدي القبيلة الأرامية (كلدو) سنة ( 626 ق.م )…، لكن الأستاذ عبدالله في معرض استعراضه للمحك الجغرافي اراه كأن هتم توطينهم في بلاد الآشوريين. ثم يضيف ايضاً وهكذا عمل سنحاريب وأسرَّ (20800) عشرين الفاً وثماني مائة كلداني وجاء بهم الى بلاده، وللعلم فقط ان سنحاريب هو ابن سرجون الثاني. السؤال هنا كيف ان القبيلة الأرامية ( كلدو) ازداد عدد افرادها في اقل من مائة عام ليؤسر منهم في حملتين فقط أكثرمن من 400,000 فرد، ثم لماذا نصدق مايُكتب في الحوليات وكأن ذلك كُتِب بنزاهه مؤرخ حاصل على جائزة نوبل في التاريخ!! هنا ارئ ازدواجية في التفكيرلدى كاتبنا الموقر فهو في الوقت الذي لا يريد الأعتماد على التاريخ في تقرير الهوية القومية للكلدان المعاصرين لكنه في نفس الوقت يحسب مسألة الأسرى المبالغ بها حجة لوجود الكلدان المعاصرين في غير موطنهم الأصلي فيكتب: لو اعتبرنا سكان المناطق المحيطة بنينوى هم آشوريون ، فما هو مصير الاف الكلدان الذين اسروا من قبل الملوك لآشوريين وجاءوا بهم الى ديارهم الآشورية؟ وبهذا الخصوص اود ان اضيف ان هذا المحك لا يصح الأستناد اليه فكل من الكلدان والآشوريين كان لهم منطقتهم الخاصة وحتى بعد سقوط الدولة الآشورية وذلك استناداً لما اورده الكاتب بنفسه، اذ كتب: وتم الأتفاق بين المتحالفين الميدي والكلداني على اقتسام تركة الأمبراطورية الآشورية بينهما فكانت المناطق الشمالية الشرقية من نصيب الميديين، والمناطق الجنوبية الغربية من نصيب الكلدانيين.
وفي مكان آخر يستنتج كاتبنا الموقر وضمن المحك اللغوي: وقد يكون هذا مؤشراً يجعلني اقول – مايثير الدهشة والعجب- ان الآشوريين المعاصرون هم اراميون والكلدان المعاصرون هم آشوريون!
ة ومنها انتشرت الى البلدان الأخرى بما فيها منطقة نينوى، وكانت رئاستها بيد الكلدان في كنيسة ( كوخي ). طبعاً هو يريد ان يقارن هذه المعلومة بما هو معترف عليه حالياً ان المُدّعين بالآشورية اغلبهم نساطرة او ان الآشورية منشأها هو المناطق النسطورية. فيستخلص انه لا يمكن التفريق بين الكلدانيين والآشوريين على اساس المذهب الديني.
وفي المحك الديني ايضاً يجد الكاتب صعوبة في الأعتماد على المذهب لتفريق الكلداني من الآشوري فيفيدنا ان النسطورية بدأت في منطقة بلاد النهرين الوسطى في بلاد بابل الكلدانية الحديث
امام كل هذه المعوقات او المحكات كما يسميها الكاتب — ولو اني غفلت الحديث عن المحك العرقي الذي خلاصته وحسب ما اورَده ان فكرة الجنس الخالص ما هي الا خرافة لاوجود لها الا في الذهن– نراه يأتي بنظريته الخاصة للأجابة على السؤالين الواردين أعلاه وطبعاً هذا هو اسلوب منهجي رائع في ان يأتي الكاتب على ذكر المعضلة ومن ثم ايجاد الحل لها، لانه لحد الآن من قراءة الكتاب يعتبر التمييز بين الكلداني والآشوري ضرب من المستحيل. لكنه فيما يلي من الكتاب يحاول الكاتب ان يثبت لنا ان المشاعر القومية– الفردية والجماعية– هي الحكم في تقرير الهوية القومية لأي فيئة من المجتمع فنراه يكتب: التنشئة الأجتماعية للفرد هي التي تكسبه الشعور القومي والأنتماء القومي، حيث لا يرث الأنسان قوميته بالولادة، فليس كلدانياً بالوراثة، ولا آشورياً… وضرب مثلاً يقول فيه لو ان طفلاً كلدانياً نشأ وعاش في أحضان عائلة آشورية فماذا تكون هويته القومية؟ ان المثل في هذه الحالة ليس ذلك القويم لأن الكلداني والأشوري حسب رؤيتي هما من قومية واحدة وانى كانت تسميتها، ولكن لو ان استاذنا عبدالله صاغ مثله هكذا: لنفرض أن طفلاً ارمنياً نشأ وعاش في بيت آشوري، فجوابي حين ذاك ان الطفل يبقى ارمني الأصل ولا داع من الحيرة في ذلك وايجاد نظرية حوله، ولكن لو ان احفاد الطفل هذا عاشوا في بيئة الآشوريين لمئات او الاف السنين فبلا شك في هذه الحالة ان الأحفاد سوف يعتبرون آشوريين وهذا هو حال الكلدانيين الأسرى الذين ورد الحديث عنهم في هذا الكتاب.
بكل الأحوال كي يجد الكاتب حلاً لمعضلة المَحكات هذه فأننا نراه يقوم بأستفتاء ميداني ل300 فرد كلداني حين كان عالقاً في الأردن عام 2001 ، ولست أعرف كيف قرر انهم كلدان مقدماً وسألهم اسئلة تتعلق بقوميتهم وكانت النتيجة ان الغالبية الساحقة من هذه المجموعة تشعر وتؤمن انهم كلدان وليس اشوريين او سريان او اراميين. وبذا وجد الحل العلمي ووفق المنهجية العلمية ليقول انه هناك قومية ثالثة في العراق هويتهم هي ” الكلدان المعاصرون”. لا اظن ان اي جهة علمية سوف تقبل بمثل هذا الأستفتاء لأنه باعتراف الدكتور عبدالله هؤلاء كانوا كلدانناً الذين لا احسب انهم كانوا بدرجة من الثقافة والأطلاع ان يعرفوا أصلهم وفصلهم. انا أقترح على الدكتورالفاضل ان يراسل 300 عراقي مسيحي من خريجي الكليات منتقين بطريقة عشوائية وسوف يجد نتائج مخالفة لأستفتائه الأول.
الدكتور عبدالله مهد الطريق امام استفتائه هذا بنقض ما استنتجه من المحكات الأربعة الواردة فكتب: طالما ان المقومات متوفرة، من اللغة والثقافة والأقليم الجغرافي والتاريخ المشترك، والأرادة الشخصية لتمييز الكلداني عن غيرهم ، فأذن لا يمكن انكار وجود قوم يعرف بالكلدان او قوم يعرف ب ألاشوريين. انه تناقض واضح لأن المقومات غير متوفرة كما أقرّ واعترف وأسهب هو نفسه حسب ما جاء في شرح المحكات التي تحول دون تمييز الكلداني من الآشوري.
في الفصل التالي يعدد الكاتب المحترم اسباب ضعف الشعور القومي لدى الكلدان ويذكر ستة منها وهي واضحة ويعرفها الجميع من غير الأستدلال عليها من صفحات هذا الكتاب ، لكني اريدان اقف وقفة ناقد امام السبب السادس والأخير وهو ان من اسباب ضعف الشعور القومي هو التصور الخاطئ ، ان الكلدان طائفة دينية وليس قومية. في رأي الشحصي هذا هو عين الصواب وأظن ان استفتاءه برهن ذلك، اذ انه على مايبدو اختار شريحته من الكلدان كما اورد هم جميعاً بلا شك كاثوليك.
هذه هي خلاصة هذا الكتاب الذي يعتبره المؤلف والكلدان المعاصرون انه سندهم لأثبات هويتهم القومية في الوقت الذي اراه انه يثبت عكس ذلك ليشكلوا طائفة دينية فقط وليس قومية ،وذلك يتجلى في اعتراف الكاتب بشكل واضح ان التنشئه ورفض الآشورية من قبل الكلدان المعاصرين هما عاملان اساسيان لأثبات الهوية القومية للكلدان. وقد اكون المخطئ او يكون كاتبنا الموقرهو المخطئ، لكن اضع هذا الأمر امام أعين كل قارئ مثقف ونزيه ليقرر ذلك بنفسه.
حنا شمعون / شيكاغو
Last edited: